اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 490
أَتْبَعَ سَبَباً آخر يوصله الى المشرق وسار
حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وموضع شروقه وإضاءته على العالم قد وَجَدَها تَطْلُعُ وتستضئ أولا عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً يعنى لم تجعل لهم حائلا كثيفا وحجابا غليظا ليكون ساترا لهم حر الشمس وقت طلوعها من الجبل والشجر وغيرهما بل كلهم غرل عراة لا لباس لهم أصلا بل هم يحفرون الأرض ويتخذون سردابا وأخاديد يدل الايتية لان ارضهم لا تمسك البناء
كَذلِكَ اى وهم ايضا كفار مثل اهل المغرب وهم أشد الناس في الحروب وأشجعهم في المعارك واجرأهم على القتال والاقتحام في الوغاء ولهم آلات واسلحة عجيبة وعدد بديعة لا كمثل سائر آلات الناس وعددهم وأيضا هم اكثر الناس عددا وَمع كثرة عددهم ووفور مكرهم وخديعتهم قَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً يعنى أعلمنا اسكندر وبمن عنده من الجنود والخدمة علما بحال أعدائهم وبدفع مكرهم وحيلهم وجرأناهم على المقابلة والمقاتلة مع قلتهم وكثرة عدوهم فقاتلوا معهم وغلبوا عليهم وبعد ما قد غلب عليهم وضع بينهم ايضا شعائر الشرع ومعالم الدين كما وضع لأهل المغرب
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً آخر وسار على الأرض بين المشرق والمغرب
حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ اى بين الجبلين اللذين سد بينهما ذو القرنين سدا منيعا حصينا وهما جبلا إرمينية وآذربيجان وقيل جبلان في أواخر الشمال في منقطع ارض الترك من ورائهما يأجوج ومأجوج وَجَدَ مِنْ دُونِهِما وعندهما قَوْماً أعجميا لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ ويفهمون قَوْلًا لغة من اللغات المتداولة
قالُوا بلسان الواسطة والترجمان يا ذَا الْقَرْنَيْنِ نحن أناس ضعفاء مظلومون نحتاج الى اعانتك واغاثتك لتنقذنا من أيادي الظلمة إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ هما علمان للقبيلتين من الترك مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ اى في ارضنا هذه بأنواع الفسادات قيل قد كانوا يخرجون في الربيع فلا يتركون اخضر رطبا الا أكلوه ولا يابسا الا حملوه وقيل كانوا يأكلون الناس ايضا فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً جعلا نوزع حتى يبلغ مبلغا وافيا عَلى أَنْ تَجْعَلَ بسلطنتك وسطوتك بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا منيعا محكما بحيث لا يمكنهم الخروج علينا فنأمن من شرورهم بجاهك يا مولانا
قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ اى ما خصنى وما جعلني ربي بفضله وجوده مكينا فيه من المال والملك خير مما تجمعون أنتم بتوزيعكم وتحريجكم واكثر منه ولا حاجة لنا الى أموالكم بل الى اعانتكم وسعيكم أجراء فَأَعِينُونِي في وضع هذا السد بِقُوَّةٍ عملة وصناع يأخذون منى الأجر ويعملون أَجْعَلْ بفضل الله وسعة رحمته وجوده بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً سدا حاجزا حصينا منيعا وثيقا بحيث لا يقبل التخريب الى انقراض الدنيا ان تعلق به مشيئته سبحانه
وبالجملة آتُونِي واحضروا عندي أولا زُبَرَ الْحَدِيدِ اى قطعها الكبيرة فأتوا بها فأمرهم بحفر الأرض الى ان وصل الماء فوضع الأساس من الصخر والنحاس المذاب حتى وصل الى وجه الأرض أمرهم بتنضيد قطع الحديد بأن وضعوا بين كل قطعتي الحديد فحما وحطبا وأمرهم برفعه هكذا حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ اى بين جانبي الجبلين وصار ما بينهما مساويا للطرفين في الرفعة أمرهم بوضع المنافخ العظام من كلا طرفي السد ثم قالَ لهم انْفُخُوا فنفخوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً اى جعل المنفوخ فيه مثل النار في اللون والحرارة فأحرق الفحم والحطب وذابت واتصلت الزبر وبقيت فرج صغار يعنى لم يصل الى حد الملامسة والتسوية ثم قالَ آتُونِي شيئا مايعا مذابا أُفْرِغْ عَلَيْهِ ليصير ملسا مسوى لا فرج فيها ولا يرى اوصالها أصلا وبالجملة أتونى
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 490